×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

الفانية وبين الخسارة والحسرة الآجلة الباقية، فإنه يدرك الفرق الذي يحمله على الكف عن المعصية.

الشيء الثاني: الحياء من الله تعالى الذي خلقه، وأنعم عليه، ونهاه عن معصيته، فكيف يبارزه بفعل ما نهاه عنه، وهو مطلع عليه في كل أحواله، وجميع تصرفاته، فإن العبد إذا استحضر ذلك ترك المعصية حياء من الله، كما قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ ٤٠  فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ ٤١ [النازعات: 40، 41]. ثم لو تأمل العبد أحوال العصاة في الدنيا، وما هم فيه من ذلة وانحطاط نفسي وفكري، ونظر الناس إليهم بعين الاحتقار، لكفاه ذلك زاجرًا عن الوقوع في المعاصي.

وأما الثالث من أنواع الصبر، فهو الصبر على أقدار الله المؤلمة بما يجري على العبد من المصائب، وهو حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن التشكي والندب والنياحة، وحبس الجوارح عن الأفعال المحرمة، كلطم الخدود، وشق الجيوب، ودعوى الجاهلية. والصبر على ذلك يكون فور نزول المصيبة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُْولَى» ([1]). وقال تعالى: ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ١٥  ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ ١٥٦ [البقرة: 155، 156]. فواجب المؤمن أن يصبر على ما يصيبه.

ويسهل عليه الصبر على ذلك أمور: منها إيمانه بقضاء الله وقدره، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه؛ قال تعالى:


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1223).