في الحياة الدنيا،
ونسي الآخرة، فأتعب نفسه واستهلك وقته في جمع الدنيا وملاحقتها، وفي النهاية
يتركها لغيره، ويمضي للدار الآخرة على غير استعدادٍ، ويسافر بغير زادٍ ﴿خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا
وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ﴾ [الحج: 11]. وقليل من الناس
نظر في العواقب وعرف قيمة الدنيا وقيمة الآخرة، فجعل الدنيا مطيةً للآخرة، تزود
منها بالأعمال الصالحة، فأتاه الموت وهو على استعدادٍ، وانتقل للآخرة بأحسن الزاد،
فاستفاد من دنياه وآخرته، وقد قال الله تعالى في الفريقين: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ
ٱلۡعَاجِلَةَ عَجَّلۡنَا لَهُۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ
جَعَلۡنَا لَهُۥ جَهَنَّمَ يَصۡلَىٰهَا مَذۡمُومٗا مَّدۡحُورٗا ١٨ وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ
فَأُوْلَٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا ١٩﴾ [الإسراء: 18، 19].
فاتقوا الله، عباد
الله، فإن كثيرًا من الناس اليوم لما بسطت عليهم الدنيا، اغتروا بها، وانساقوا
معها، ونسوا الآخرة، فأضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، وصار همهم إعطاء أنفسهم ما
تشتهي، فانحطوا عن درجة الآدميين العقلاء إلى درجة البهائم، بل هم أضل سبيلاً من
البهائم؛ لأن البهائم لن تعصى ربها، وهؤلاء عصوا ربهم، وظلموا أنفسهم. بارك الله لي ولكم في القرآن
العظيم
***
الصفحة 4 / 441
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد