وإنفاقه على نفسه وعلى زوجته وأولاده إذا نوى به
الكفاف والتقوي على عبادة الله يصبح عبادة.
فيجب على المسلم أن
يبتغي وجه الله في كل تصرفاته وفي كل ما يأتي وما يذر؛ لأنه عبدٌ لله ولأنه فقير
إلى الله، وقد أمر الله بذلك نبيه صلى الله عليه وسلم حيث يقول جل وعلا: ﴿قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي
وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٦٢ لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ
وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ١٦٣ قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِي رَبّٗا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيۡءٖۚ وَلَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٍ إِلَّا عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ
وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم
بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ ١٦٤﴾ [الأنعام: 162- 164].
وبهذا يتضح أنه
مطلوب من المسلم أن يصرف كل عباداته لله؛ لأنه رب كل شيء، فلا يصرف من عبادته
شيئًا لغير الله، لا لصنمٍ ولا لبشرٍ حي ولا ميتٍ، ولا لملكٍ ولا لهوى نفسه، ولا
لطمعٍ من أطماع الدنيا، ولا لرياءٍ ولا سمعةٍ؛ لأن العبادة متى خالطها شيءٌ من
الشرك بطلت، قال تعالى: ﴿وَلَوۡ
أَشۡرَكُواْ لَحَبِطَ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [الأنعام: 88]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ
وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ
وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾ [الزمر: 65].
وكما أن المسلم مطالبٌ بحفظ عمله من الشرك فإنه مطالبٌ بحفظ وقته وعمره من الضياع ﴿قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأنعام: 162]؛ وذلك لأن وقت المؤمن ثمين وعمره غالٍ ومحدودٌ لا تجوز إضاعته فيما لا يفيد، وإذا نظرنا في واقعنا وواقع الناس وجدنا الكثير لم يرفع بذلك رأسًا، وإنما يعيش في هذه الدنيا عيشة البهائم، بل هو أضل سبيلاً، لأن البهائم أدت مهمتها في الحياة، وهذا الإنسان لم يؤد مهمته فيها؛ ولأن البهائم ليس لها حياةً أخرى تَحَاسَبُ وتُجازَى فيها كما لهذا الإنسان.