النبي صلى الله عليه وسلم، بل على العكس فإن
الكثير منهم ينتقل من بلاد الإسلام إلى بلاد المشركين، لا لشيءٍ إلا للترفه والعيش
هناك بحريةٍ بهيمية.
إن ذكرى الهجرة يجب
أن تكون على بال المسلم طول السنة لا في أيامٍ مخصوصة. فإن تحديد أيامٍ مخصوصة؛
للاحتفال بمناسبة الهجرة النبوية، أو لتدارسها: بدعة، «وَكُلُّ بِدْعَةٍ
ضَلاَلَةٌ» ([1])، فلم يكن الرسول
صلى الله عليه وسلم ولا صحابته ولا القرون المفضلة من بعدهم يخصون هذه المناسبة
باحتفالٍ يتكرر كل عام، وإنما كان السلف الصالح والتابعون لهم بإحسانٍ يدرسون سيرة
نبيهم صلى الله عليه وسلم للاقتداء بها غير متقيدين بوقتٍ معين، ثم إن الهجرة
هجرتان:
الهجرة الأولى: هجرةٌ قلبيةٌ إلى
الله بعبادته وحده لا شريك له، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم باتباعه وفعل ما أمر
به وترك ما نهى عنه، كما قال صلى الله عليه وسلم: «وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ
مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ» ([2])، وهذه الهجرة
ملازمةٌ للمسلم طول حياته لا يتركها أبدًا.
والهجرة الثانية: هجرةٌ بدنية، وهي
تتضمن الهجرة القلبية، وهذه الهجرة هي الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام،
وهذه الهجرة تجب عند الحاجة إليها إذا لم يستطع المسلم إظهار دينه في بلاد الكفر.
فاتقوا الله: عباد
الله، وادرسوا سيرة نبيكم، واستفيدوا من أحداثها العبرة والقدوة ﴿وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ
وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [آل عمران: 132].
بارك الله لي ولكم
في القرآن العظيم
***
([1]) أخرجه: مسلم رقم (867).
الصفحة 5 / 441