المحافظة على محارمكم، إنهم أنفع لكم من
الأموال، فكيف تضيعونهم، ولا تهتمون بشأنهم؟!ـ
إن الإنسان ليأسف
ويعظم خجله عندما يرى الكفار يُعنَوْن بتربية أولادهم التربية المادية الدنيوية،
فلا يتركونهم يسيبون في الشوارع، ولا يدعون لهم فراغًا أبدًا، بل ينظمون لهم
حياتهم تنظيمًا دقيقًا، أما كثير من المسلمين فلا يهمه من شأن ولده إلا أن يسميه
عند الولادة، ويوفر له الطعام والشراب والكسوة والمسكن، ولا يدري عما وراء ذلك، بل
أن البعض يوفر لأولاده أسباب الفساد، فيملأ جيوبهم بالنقود، ويشتري لهم السيارات
الفخمة، ويملأ لهم البيت بآلات اللهو والأفلام الخليعة، فلا تسأل بعد ذلك عما ينشأ
عليه الأولاد الذين وفرت لهم هذه الوسائل؛ من فسادٍ خلقي، وانحرافٍ فكري، وبهيميةٍ
عارمةٍ، ولا تسأل عما يلحق آباءهم من آثامٍ، وما يصيبهم من حسرةٍ عندما يواجههم
أولادهم بالعقوق، وعندما يُحرَمون من نفعهم، وعندما يدركهم الكِبَر، ويحتاجون
إليهم، فإن الجزاء من جنس العمل. وقد أوصى الله الأولاد أن يردوا على الآباء
جميلهم عند عجزهم وكبرهم، فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ
وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ
أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا ٢٣ وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ
ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا ٢٤﴾ [الإسراء: 23، 24].
فأمر الله الولد أن
يتذكر إحسان الوالدين إليه في حالة ضعفه وصغره، ليقابل ذلك بالإحسان إليهما في حال
ضعفهما وعجزهما، فكيف إذا كان الولد لا يتذكر من والديه إلا الإضاعة والإساءة
والتوجيه الفاسد، ماذا يعمل تجاه ذلك؟!ـ