فيا عباد الله، انتبهوا لهذا
الخطر، وقوموا لدفعه، والتخلص منه بجدٍ وحزم؛ وذلك بأن يقوم المسئولون بمنعه بقوة
السلطة والتأديب الرادع، ويقوم الآباء بالأخذ بأيدي أولادهم ومنعهم منه، ويقوم
المعلمون في المدارس والأئمة في المساجد بتوجيه الشباب، وبيان أضرار هذه التجمعات
المشبوهة، وتحذيرهم من دعاة الفساد وقرناء السوء، ويتعاون أهل الحارات على مطاردة
هذه التجمعات وإبعادها عن حاراتهم، وعلى الشباب الصالحين أن ينصحوا من كان في
سنهم؛ لأن قبول الشاب من شاب مثله في السن أقرب من قبوله ممن هو أكبر منه سنًا؛
فإنه لا يبعد أن يستغل الأعداء هذه التجمعات لإفساد شباب المسلمين؛ لأنهم يعلمون
ما تجره من شر، فكم من شابٍ فسد خلقه، وضاع دينه بسببها، وكم من شاب أهلك نفسه
وأهلك غيره بسبب عبثه الأهوج بسيارته، وكم من شاب اختل عقله، وضاعت رجولته، وتحول
إلى شبه أنثى، فأصبح عالةً على مجتمعه، وخسارة على أهله، كل ذلك بسبب هذه التجمعات
السيئة، والمخالطات المشبوهة.
فاتقوا الله، عباد الله، واعلموا أنكم في زمان فتنٍ، وأنكم تعيشون بين أعداءٍ، وأن أهل الشر ينشرون شرهم بينكم بمكرٍ دقيقِ ودهاءٍ خبيثٍ، واعلموا أن أعظم ذُخرِ لكم، وأنفع ثروةٍ تحصلونها من دنياكم بعد العمل الصالح: هم أولادكم؛ في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ([1]). إن أولادكم هم الذين يقومون عليكم عند كبركم وعجزكم، وهم الذين يخلفونكم في
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1631).