×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

 وأن تكون مستوفية لشروطها وأركانها وواجباتها التي شرعها الله فيها، فمن أخلَّ بشيءٍ من ذلك لم يكن محافظًا على صلاته، كما أنه مطلوب من المسلم أن يهتم بجميع الصلوات الخمس، فالتهاون ببعض الصلوات كالتهاون بجميعها وبعض الناس قد ابتلوا في زماننا هذا بالتهاون في صلاتين: هما صلاة العصر وصلاة الفجر، فصلاة العصر يتهاون بها بعض الموظفين، حيث يخرج من الدوام الرسمي بعد الظهر، ثم ينام، ويترك صلاة العصر مع الجماعة، ويؤخرها إلى أن يستيقظ ولو خرج وقتها، وصلاة العصر لها شانٌ عظيمٌ، وهي الصلاة الوسطى، التي أوصى الله بالمحافظة عليها خصوصًا، بعدما أوصى بالمحافظة على الصلوات عمومًا؛ فال تعالى: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ [البقرة: 238]. والذي عليه أكثر أهل العلم أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر؛ لأدلةٍ كثيرةٍ؛ مما يدل على تأكيد الاهتمام بها خاصةً، وقد ورد الوعيد الشديد في حق من تهاون بها؛ عن بريدة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» ([1]). وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ، فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» ([2]). وقد فسره الإمام مالك رحمه الله بأن المراد به ذهاب الوقت.

وإذا كان هذا الوعيد في حق من فاتته صلاة العصر مرةً واحدةً، فكيف بمن اعتاد ذلك، وداوم عليه، وجعل وقت صلاة العصر وقت نومٍ له؟! فاتقوا الله، يا من تفعلون هذا، وتوبوا إلى الله، وأدوا صلاة العصر في وقتها مع الجماعة كما أمركم الله بذلك، ولا يغوينكم


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (528).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (626).