×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ» ([1]).

فذكر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خمسة أنواعٍ من المعاصي؛ كل نوعٍ منها يسبب عقوبةً من العقوبات. ومن ذلك منع الزكاة ونقص المكيال، يسببان منع المطر وحصول القحط وشدة المؤنة، وجور السلطان، وأنتم في هذه الأيام ترون تأخر المطر عن وقته، وإجداب المراعي، مما يترتب عليه تضرر العباد والبلاد والبهائم. قال أبو هريرة رضي الله عنه: إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم. وقال مجاهد: إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة، وأُمسِك المطر، تقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم.

أما منع الزكاة فقد ابتلي به كثيرٌ من الناس اليوم بتضخم الأموال في أيديهم، وصاروا يتساهلون في إخراج الزكاة، إما بخلاً بها إذا نظروا إلى كثرتها، وإما تكاسلاً عن إحصائها، وصرفها في مصارفها. وأما نقص المكاييل فالبعض من الناس حملهم الطمع والجشع على الغش في المعاملات ونقص المكاييل والموازين وبخس الناس أشيائهم، فيأتي على الأكياس والصناديق، ويفرِّغ منها، ويبيعها على الناس على أنها تامة وعلى شد بلادها، وهي منقوصة مبخوسة، وبائعو الخضار والفواكه والتمور يغشون الناس في الصناديق، فيضعون الرديء


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (4019)، والحاكم رقم (8623)، والطبراني في « الأوسط » رقم (4671).