في الأسفل، والجيد
في الأعلى، ويقولون: كله من النوع الجيد، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على
من فعل مثل هذا وزجره حينما مر على بائع طعامٍ، فأدخل يده صلى الله عليه وسلم فيه،
فأدرك في أسفله بللاً فقال: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ:
أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ، يَا رَسُولَ اللهِ. يعني المطر، فقال صلى الله عليه وسلم:
«أَفَلاَ جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّنَا
فَلَيْسَ مِنَّا» ([1])، فقد اعتبر صلى
الله عليه وسلم إخفاء المعيب، وإظهار السليم غشًا للمسلمين وتبرأ من فاعله. وبعض
الباعة يغررون بالمشترين الذين لا يعرفون أسعار السلع، ويثقون بهم، فيرفعون عليهم
القيمة، ويغبنونهم غبنًا فاحشًا.
وكل هذه الجرائم وغيرها مما يجري في أسواق المسلمين تسبب العقوبات الخاصة والعامة، ومن ذلك ما تشاهدون من تأخر المطر الذي به حياتكم، وحياة بهائمكم، وحياة زروعكم وأشجاركم، قال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦۚ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ طَهُورٗا ٤٨ لِّنُحۡـِۧيَ بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗا وَنُسۡقِيَهُۥ مِمَّا خَلَقۡنَآ أَنۡعَٰمٗا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرٗا ٤ وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا ٥٠﴾ [الفرقان: 48- 50]. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ لِيَذَّكَّرُواْ ا﴾ أي: أمطرنا هذه الأرض دون هذه، وسقنا السحاب يمر على الأرض ويتعداها ويتجاوزها إلى الأرض الأخرى، فيمطرها ويكفيها، ويجعلها غدقًا، والتي وراءها لم يُنزِل فيها قطرةً من ماء، وله في ذلك الحجة البالغة، والحكمة القاطعة. قال ابن عباسٍ وابن مسعودٍ: ليس عامٌ بأكثر مطرًا من عام، ولكن الله يُصرِّفه كيف يشاء، ثم قرأ هذه الآية: ﴿وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا﴾ [الفرقان: 50].
([1]) أخرجه: مسلم رقم (102).