×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

 السفلى وكثر، وفي ذلك فساد، فاقتضت حكمته أن سقاها من فوقها، فينشئ سبحانه السحاب، وهي روايا الأرض، ثم يرسل الرياح فتلقحها كما يلقح الفحل الأنثى، ثم ينزل منه على الأرض، ثم تأمل الحكمة البالغة في إنزاله بقدر الحاجة. حتى إذا أخذت الأرض حاجتها، وكانت تتابعه عليها بعد ذلك يضرها - أقلع عنها، وأعقبه بالصحو.

عباد الله: اشكروا الله على هذه النعمة العظيمة بالتحدث بها وإضافتها إليه، والثناء على الله، واعتقاد أنها منه وحده، والاستعانة بها على طاعته، فإن كثيرًا من الناس لا يشكرون الله على هذه النعمة، كما أنهم لا يشكرونه على غيرها من النعم، فبعضهم لا ينسب نزول المطر إلى الله، وإنما ينسبه إلى الطبيعة ويقول: هذا يرجع إلى المناخ، فبلاد أوروبا مثلاً كثيرة الأمطار نظرًا لمناخها وموقعها الجغرافي، وبلادنا قليلة الأمطار نظرًا لمناخها وموقعها الجغرافي، فينسى هذا الجاهل أو الملحد أن هذا راجعٌ إلى قدرة الله وحكمته، وأنه هو الذي ينزله ويحبسه كما يشاء. ولم ير هذا الجاهل أن كثيرًا من بلاد أوروبا وأفريقيا الآن تشكو من الجفاف، وقلة الأمطار، ولم ينفعها مناخها وموقعها الجغرافي؛ لأن الله حبس المطر عنها، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ لِيَذَّكَّرُواْ [الفرقان: 50].

وبعض الناس ينسب نزول المطر على النجوم والطوالع، أو الانخفاض الجوي كما يسمونه، وينشرون في بعض الصحف أن هذا العام ستكثر الأمطار أو تقل نظرًا لكذا وكذا، وهذا من الجرأة على الله، وادعاء علم الغيب والتشويش على العوام الذين لا يعرفون كذبهم وتخرصهم، وفي مثل هؤلاء يقول الله تعالى: ﴿وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ


الشرح