تُكَذِّبُونَ﴾ [الواقعة: 82] أي: بدل أن تشكروا الله تعالى على إنزاله المطر عليكم ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ فتنسبون ذلك إلى غيره من الكواكب والمخلوقات التي لا قدرة لها.
وفي الصحيحين عن زيدٍ
بن خالدٍ الجهني قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية
على أثر سماءٍ (أي نزول مطر) كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس قال: «أَتَدْرُونَ
مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَصْبَحَ
مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا
بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ،
وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي
مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» ([1]).
ومعنى الحديث: أن من
نسب المطر إلى الله واعتقد أنه أنزله بفضله ورحمته من غير استحقاقٍ من العبد على
ربه، وأثنى على الله فقال: «مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ» فهذا
مؤمنٌ بالله شاكرٌ لنعمه كافر بما سواه.
وأما من نسب نزول المطر إلى غير الله من الكواكب أو الطبيعة وتغير المناخ، فذلك كافرٌ بالله تعالى مؤمنٌ بغيره. فإذا اعتقد أن لغير الله تأثيرًا في إنزال المطر، فهذا كفرٌ أكبر؛ لأنه شركٌ في الربوبية والمشرك كافرٌ. وإن لم يعتقد ذلك، وأضاف المطر إلى السبب، فهو من الشرك الأصغر، والكفر الأصغر؛ لأنه نسب نعمة الله إلى غيره، حيث نسب المطر إلى السبب، والواجب نسبته إلى الخالق، فالواجب أن ينسب نزول المطر وجميع النعم إلى الله تعالى، قال تعالى: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعۡمَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِ﴾ [النحل: 53]. وإنزال الغيث من أعظم نعم الله
([1])أخرجه: البخاري رقم (810)، ومسلم رقم (71).