×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

والمشاهد التي بُنيت في كثيرٍ من الأمصار، قد شُيدت عليها القباب، وأُرخيت عليها الستور، ووُضِعت عندها الصناديق لجمع النذور، وهُيئت للطواف بها والتمسح بأركانها، وطلب المدد من سكانها، واتخاذهم وسائط عند الله، كما قال إخوانهم من المشركين الأولين: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزمر: 3].

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن أم سلمة رضي الله عنها ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسةً رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ» ([1]). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فهؤلاء جمعوا بين فتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل. وقال رحمه الله: فإن الشرك بقبر الرجل الذي يُعتَقَد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبةٍ أو حجرٍ؛ ولهذا تجد أهل الشرك يتضرعون عندها، ويخشعون، ويخضعون، ويعبدون بقلوبهم عبادةً لا يفعلونها في بيوت الله، ولا وقت السحر، ومنهم من يسجد لها، وأكثرهم يرجون من بركة الصلاة، عندها والدعاء ما لا يرجونه في المساجد. انتهى.

فاتقوا الله، عباد الله، واسألوه أن يوفقكم لمعرفة الحق، والعمل به، والثبات عليه ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ [آل عمران: 8].

***


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (417)، ومسلم رقم (528).