ذكر الله براءةٌ من
النفاق؛ لأن الله وصف المنافقين بأنهم لا يذكرون الله إلا قليلاً. قال بعض السلف:
علامة حب الله كثرة ذكره، فإنك لن تحب شيئًا إلا أكثرت من ذكره. وقد ذكرت عائشة
رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه. تعني في
حال قيامه، ومشيه، وقعوده، واضطجاعه. وقد وصف الله المؤمنين بذلك فقال: ﴿ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ
قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ﴾ [آل عمران: 191].
وقد فرض الله على
المسلمين أن يذكروه كل يومٍ وليلةٍ خمس مراتٍ، بإقامة الصلوات الخمس في مواقيتها
المؤقتة، وشرع لهم مع هذه الفرائض الخمس أن يذكروه ذكرًا يكون لهم نافلة -أي زيادة
على الفرض- هو نوعان:
أحدهما: من جنس الصلاة،
حيث شرع لهم أن يصلوا مع الصلوات الخمس قبلها أو بعدها، سننًا تكون زيادةً على
صلاة الفريضة. فإن كان في الفريضة نقصٌ جُبِرَ بهذه النوافل، وإلا كانت النوافل
زيادة على الفرائض. ولما كان بين صلاة العشاء وصلاة الفجر، وبين صلاة الفجر وصلاة
الظهر، وقتٌ طويلٌ ليس فيه صلاة مفروضة، شرع بين العشاء وصلاة الفجر صلاة الوتر،
قيام الليل، وشرع بين صلاة الفجر وصلاة الظهر صلاة الضحى.
والثاني: أنه سبحانه شرع لهم أن يذكروه باللسان: بالتهليل، والتكبير، والتسبيح، والتحميد، في جمع الأوقات، ويتأكد عقيب الصلوات المفروضات بالأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام، ويتأكد أيضًا ذكر الله باللسان بعد الصلاتين اللتين لا تطوع بعدهما، وهما الفجر والعصر، فيشرع الذكر بعد صلاة الفجر إلى أن تطلع