ومن الوضوء غسل
الرجلين إلى الكعبين لقوله تعالى: ﴿وَأَرۡجُلَكُمۡ
إِلَى ٱلۡكَعۡبَيۡنِۚ﴾ [المائدة: 6]. وهذا إذا لم يلبس عليهما حائلاً من خفافٍ أو
جوارب، فإن كان عليهما حائلٌ فإنه يكفي عن غسلهما مسح ظاهر ذلك الحال من خُفٍ أو
جوارب، كما ثبت ذلك بالسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً.
قال الإمام ابن
القيم رحمه الله: صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه مسح في الحضر والسفر، ولم يُنسَخ
ذلك حتى تُوفي، ووفت للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثة أيامٍ ولياليهن، في عدة
أحاديث حسانٍ وصحاحٍ، وكان يمسح ظاهر الخفين، ولم يصح عنه مسح أسفلهما، ومسح على
الجوربين والنعلين... إلى أن قال: ولم يكن يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه، بل إن
كانتا في الخف مسح عليهما ولم ينزعهما، وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين، ولم يلبس
الخف ليمسح عليه.
أيها المسلمون: يشترط لصحة المسح على الخفين أو الجوارب أن يكونا ساترين للرجلين من الكعب فأسفل، فإن كان نازلاً على الكعب، أو كان شفافًا، أو مخرقًا يُرى من ورائه الجلد، لم يَجُزِ المسح عليه. ويشترط أن يلبسهما على طهارةٍ كاملةٍ، فلو لبس الخفين أو الجوربين على غير وضوءٍ لم يجز له المسح عليهما، ويشترط ألا يخلع ما ابتدأ المسح عليه. فلو ابتدأ المسح على الخف، ثم خلعه بطل وضوءه لو كان تحت جورب؛ لأنه لم يبدأ المسح على الجورب، وهذه مسألةٌ مهمةٌ، فإن الكثير من الناس في هذا الزمان يلبسون خفافًا تحت الكعبين، وتحتهما جوارب، ثم يخلعون الخفاف عند دخولهم في المنازل أو المساجد، ويبقون الجوارب، فالواجب عليهم في هذه الحالة