النبي صلى الله عليه
وسلم قال: «لاَ يَزَالُ اللهُ عز وجل مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلاَتِهِ
مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ انْصَرَفَ عَنْهُ» ([1]).
عباد الله: إن الصلاة في كل ما
يفعل فيها خضوع لله عز وجل، كالقيام والركوع والسجود، وما يقال في هذه الأحوال من
الأذكار، قال الله تعالى: ﴿وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ﴾ [البقرة: 238]، وقال: ﴿وَٱرۡكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ﴾ [البقرة: 43]؛ لأن الركوع خضوع لله، وذل بين يديه بظاهر الجسد، وقد أبى المتكبرون أن
يركعوا، فتوعدهم الله بقوله: ﴿وَإِذَا
قِيلَ لَهُمُ ٱرۡكَعُواْ لَا يَرۡكَعُونَ ٤٨ وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ
٤٩﴾ [المرسلات: 48، 49].
ومن ذلك السجود، وهو أعظم ما يظهر فيه ذل العبد لربه عز وجل، حيث جعل العبد أشرف أعضائه، وأعزها عليه، وأعلاها عليه: أوضع ما يكون بين يدي ربه، فيضعه في التراب متعفرًا، ويتبع ذلك انكسار القلب وتواضعه وخشوعه لله عز وجل، ولهذا كان جزاء المؤمن إذا فعل ذلك أن يقربه الله إليه، «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» ([2]) كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩﴾ [العلق: 19]. وقد استكبر إبليس عن السجود، فباء باللعنة والصغار، وأبى المشركون والمنافقون السجود واستكبروا عنه، فتوعدهم الله عز وجل بأن يحرمهم من السجود يوم القيامة عند لقائه، لما أبوا أن يسجدوا له في الدنيا؛ قال تعالى: ﴿يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ ٤ خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ ٤﴾ [القلم: 42: 43].
([1]) أخرجه: النسائي رقم (1195)، والدارمي رقم (1423)، وأحمد رقم (21508).