روى البخاري عن أبي
سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يَكْشِفُ
رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَيَبْقَى
مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِئَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ،
فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا» ([1])، قال الإمام ابن
كثير: وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وفي غيرهما من طرق، وله ألفاظ، وهو حديث طويل
مشهور.
ومن تمام خشوع العبد
في ركوعه وسجوده أنه إذا ذل لربه بالركوع والسجود، وصف ربه حينئذٍ بصفات العز
والكبرياء والعظمة والعلو، فكأنه يقول: الذل والتواضع وصفي، والعلو والعظمة
والكبرياء وصفك. ولهذا شرع للعبد في ركوعه أن يقول: «سبحان ربي العظيم»،
وفي سجوده: «سبحان ربي الأعلى».
أيها المسلمون: إن التأمل في أسرار الصلاة وفوائدها مما يسهل على العبد أداءها، ويجعله متلذذًا بها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ» ([2])، وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ﴾ [البقرة: 45]، وقال تعالى: ﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ﴾ [البقرة: 45] ([3])، وقال تعالى: ﴿أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ﴾ [العنكبوت: 45]. لكن حينما يغفل العبد عن فوائد الصلاة وأسرارها، تصبح ثقيلة عليه، وإذا دخل فيها كأنه في سجنٍ حتى يخرج منها؛ ولهذا تكثر حركاته وهواجسه، ويسابق
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4635).