قال الله تعالى: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعَاجِلَةَ
عَجَّلۡنَا لَهُۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلۡنَا لَهُۥ
جَهَنَّمَ يَصۡلَىٰهَا مَذۡمُومٗا مَّدۡحُورٗا ١ وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ
وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم
مَّشۡكُورٗا ١٩﴾ [الإسراء: 18، 19]. إنكم تسمعون قصص من قبلكم
من الأمم والأفراد الذين اشتغلوا بالدنيا ونسوا الآخرة؛ كعادٍ، وثمود، وفرعون،
وهامان، وأبى جهلٍ، وأبى لهبٍ، وماذا كانت عقوبتهم في الدنيا؟ وماذا تكون عاقبتهم
في الآخرة؟ وتشاهدون من معاصريكم ممن تشبهوا بهؤلاء، فلقوا نفس المصير، قال الله
تعالى: ﴿كَٱلَّذِينَ مِن
قَبۡلِكُمۡ كَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنكُمۡ قُوَّةٗ وَأَكۡثَرَ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا
فَٱسۡتَمۡتَعُواْ بِخَلَٰقِهِمۡ فَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِخَلَٰقِكُمۡ كَمَا ٱسۡتَمۡتَعَ
ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُم بِخَلَٰقِهِمۡ وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِي خَاضُوٓاْۚ
أُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ
وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٦٩ أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن
قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ
مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ
لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ ٧٠﴾ [التوبة: 69، 70].
قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله في معنى هاتين الآيتين: فإنه سبحانه قال: ﴿كَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنكُمۡ قُوَّةٗ وَأَكۡثَرَ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا﴾ فتلك القوة التي كانت فيهم كانوا يستطيعون أن يعملوا بها للدنيا والآخرة، وكذلك أموالهم، وتلك القوة والأموال والأولاد هو الخَلاَق، والخَلاَق هو النصيب والحظ وما خلق للإنسان وقدر له، فاستمتعوا بقوتهم وأموالهم وأولادهم في الدنيا، ونفس الأعمال التي عملوها بهذه القوة لو أرادوا بها الله والدار الآخرة لكان لهم ثواب في الآخرة عليها، فتمتعهم بها أخذ حظوظهم العاجلة بها، فدخل في هذا من لم يعمل إلا لدنياه، وقد توعد سبحانه هؤلاء المستمتعين الخائضين بقوله: