ثم ختم سبحانه الآية
بقوله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا
يُحِبُّ مَن كَانَ مُخۡتَالٗا فَخُورًا﴾ [النساء: 36] فنفى سبحانه محبته
عن المختال الفخور، وهو المتكبر الذي يفتخر بنفسه، ويتطاول على الناس، وخص هاتين
الصفتين؛ لأنهما تحملان المتصف بهما على الإعراض عن الأقارب والفقراء والجيران
وغيرهم ممن ذكر في الآية، فلا يحسن إليهم.
أيها المسلم: إن هذه الحقوق
المذكورة في هذه الآية هي من أهم الأمانات التي تحملتها، فأحسن أداءها، والقيام
بها، كما أمرك الله بذلك في قوله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا﴾ [النساء: 58].
أيها التاجر: إنك مؤتمن على
أموالك، فأحسن التصرف فيها على الوجه المشروع، ومؤتمن على بيعك وشرائك، فالزم الصدق،
ولا تغش ولا تخدع المتعاملين معك.
أيها الموظف: إنك مؤتمن على
عملك الوظيفي، فأحسن القيام به على الوجه المطلوب، لا تعرقل معاملات المراجعين، لا
تحاب الأقوياء، ولا تستهن بالضعفاء، لا تقبل الرشوة، فإنها سحت ومقت، توجب لعنة
الله وغضبه على آخذها، ودافعها، والساعي فيها.
أيها الأب، إنك مؤتمن على أولادك، لإحسان تربيتهم، وتعليمهم، وتنشئتهم على الخير، وأبعد عنهم وسائل الشر التي تفسد أخلاقهم، فلا يكن في بيتك أفلام خليعة، أو أغان ماجنة، أو مجلات تشتمل على الصور الفاتنة، والمقالات الفاسدة، أو كتب تشتمل على قصص العشق والغرام، وتقود إلى الفحش والإجرام، أو كتب تشتمل على الكفر والإلحاد وفاسد الاعتقاد. لا يكن في بيتك خادمون وخادمات أجانب، يختلطون بنسائك وأولادك، يفسدون أخلاقهم،