عليه من الأعمال
التي يحبها الله تعالى ويرضاها؛ كالجهاد والهجرة ونحو ذلك، قال ابن كثير رحمه الله
في تفسير هذه الآية: أي: إن كانت هذه الأشياء ﴿أَحَبَّ
إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُوا﴾ أي انتظروا ماذا
يحل بكم من عقابه؛ ولهذا آثر السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين
اتبعوهم بإحسان، ما يحبه الله على ما يحبونه، فقدموا أنفسهم وأموالهم للجهاد
والإنفاق في سبيله، مع ما في ذلك من القتل ونفاد الأموال. وترك المهاجرون ديارهم
وأموالهم وأولادهم، وانتقلوا من وطنهم الأصلي إلى دار الهجرة، يبتغون فضلاً من
الله ورضوانًا، وينصرون الله ورسوله، وقال الله فيهم: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ
هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ﴾ [الحجرات: 15].
فقارنوا بين حال أكثرنا اليوم وحال هؤلاء الصادقين، فالكثير منا اليوم يقدم هوى نفسه على طاعة ربه، فإذا دعي إلى الصلاة في المسجد آثر النوم والراحة، أو اللهو واللعب، ولم يخرج إلى الصلاة، ولم يجب داعي الله، وإنما يجيب داعي الشيطان والهوى والنفس. وإذا دعي إلى الصلاة وهو في متجره أو عمله، آثر طلب الدنيا على طلب الآخرة، فأقبل على البيع والشراء بأداء العمل الدنيوي، ولم يذهب إلى الصلاة وعصى أمر ربه بقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلۡبَيۡعَۚ﴾ [الجمعة: 9]، وبقوله: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ ٣٦ رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ ٣٧﴾ [النور: 36، 37].