×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

والتاجر الذي يأخذ المال بطرق محرمه؛ كالربا والغش والكذب، قد آثر حب المال على حب الله، والبخيل الذي يمنع الحقوق الواجبة في ماله كالزكاة والإنفاق في سبيل الله، قد آثر حب المال على حب الله، ونسي قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ هُوَ خَيۡرٗا لَّهُمۖ بَلۡ هُوَ شَرّٞ لَّهُمۡۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِۦ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ [آل عمران: 180].

والوالد حينما يؤمر بإلزام أولاده بالصلاة، وإحضارهم إلى المسجد، وإنقاذهم من النار؛ كما قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ [التحريم: 6]، وقال صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا صِبْيَانَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ» ([1])، فإنه لا يبالي بأمر الله ورسوله، ويترك أولاده في بيته لا يشهدون صلاة، ولا يعرفون مسجدًا؛ لأنه آثر حب أولاده على محبة الله، فهو لا يريد أن يضربهم أو يغضبهم، ولو عصوا ربهم وتركوا واجبهم، فصارت محبة الأولاد أشد عنده من محبة الله، واتقاء غضب الأولاد أهم في نظره من اتقاء غضب الله، وإلا لو كان الأمر بالعكس لقدم أمر الله على محبتهم، وهذا خليل الله إبراهيم لما أمره الله بذبح ابنه الذي وهبه الله له بعد كبر سنه، بادر إلى امتثال أمر ربه، وتقديم محبة الله على محبة هذا الابن، ولما ظهر صدق نيته، وخالص محبته لربه نسخ الله الأمر بذبح الابن، وفداه بذبح عظيم، وبشره بابن آخر هو إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، كل هذا ببركة طاعة الله، وتقديم محبته على محبة غيره.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (495)، وأحمد رقم (6689)، والحاكم رقم (708).