الرجل على واحدة،
وتركوا البقية منهن أيامى معرضات للفساد والإفساد، قد يتأكلن بأعراضهن، أو يزاولن
الأعمال الشاقة مشردات عن البيوت يبحثن عن العمل الذي يعشن من ورائه ولو في بلاد
بعيدة عن أوطانهن، فيسافرون «بلا محارم» ([1]) ويعشن غريبات بين
أجانب، ويتهددهن الخطر من كل جانب.
وهكذا قطع أعداء
الله وأعداء الإنسانية عن هذه المرأة المسكينة كل روافد الحياة السعيدة، وجردوها
من كل حقوقها الاجتماعية؛ لِيكَوِّنُوا منها وسيلة للفساد وآلة للدمار، وقد تعجبون
حين تعلمون أنهم مع هذه الجرائم التي ارتكبوها في حق المرأة، يدَّعُون أنهم
أنصارها، والمدافعون عن حريتها، والمنادون بالمطالبة بحقوقها، مغررين بها كما غرر
إمامهم إبليس بالأبوين عليهما السلام حين قاسمهما: ﴿وَقَاسَمَهُمَآ
إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّٰصِحِينَ﴾ [الأعراف: 21].
ويكون العجب أكثر
إذا علمتم أن من بين المسلمين أبواقًا تردد مقالات هؤلاء أو بعضها، وتروجها في بعض
الصحف والمجلات: ﴿كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ
مِن قَبۡلِهِم مِّثۡلَ قَوۡلِهِمۡۘ تَشَٰبَهَتۡ قُلُوبُهُمۡۗ ۡۗ﴾ [البقرة: 118] إنهم يرددون
أقوالاً قيلت من قبلهم، وقد لا يدركون معناها.
أيها المسلمون: تنبهوا لدسائس أعدائكم، ولمخططاتهم للقضاء عليكم، ومن أعظم ذلك موضوع المرأة الذي اتخذوه سلاحًا ضدكم، يشهره في وجوهكم بعض المخدوعين من أبنائكم. فأخرسوا هذه الألسن الملوثة، وحطموا هذه الأقلام المشبوهة التي تنفث هذه السموم بينكم، واعرفوا من أين جاءت، فسدوا طريقها عنكم، إن عندكم ما إن
([1]) زيادة من طبعة دار المعارف.