×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

وقد قلت لمن خاطبته منهم: ومعلومٌ أن كشف الأنبياء أعظم وأتم من كشف غيرهم، وخبرهم أصدق من خبر غيرهم،

****

 ما يكشف الله للأنبياء مما لا يكشف لغيرهم، وما يختصهم به من الغيب الذي لا يعلمه غيرهم، الذي أعطاهم الله، ﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا ٢٧ [الجن: 26- 27]، فقد يطلع الله رسوله على كل شيء من الغيب لمصلحة البشر، فليس هناك كشف أعظم مما أوتيه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لكن هؤلاء يقولون: نحن فوق الأنبياء، ونحن أفهم من الأنبياء، بل بعضهم - كما سبق - يقول: الأنبياء يأخذون منا. فإذا وصل الأمر بالإنسان إلى هذا الحد، فلا فائدة من مخاطبته؛ لأنه لا يريد الحق، والذي لا يريد الحق مهما جادلته، ومهما أقمت له من البراهين والأدلة، فلن يقتنع، ولن يقبل: ﴿أَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيۡهِ وَكِيلًا ٤٣أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا ٤٤ [الفرقان: 43- 44]، لا يسمعون للشرع، ولا يعقلون في عقولهم، ﴿إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان: 44]، فالأنعام تدرك مصالحها، وتدرك ما تقوم به حياتها، أما هؤلاء، فقد هبطوا عن مستوى الأنعام السائمة، ﴿بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا.

لأن الأنبياء لا يأتون بشيء من عندهم، أو يعتمدون على عقولهم ومداركهم، وإنما الأنبياء يتلقون عن الله سبحانه وتعالى وحيه، وأمره،


الشرح