فالعامة في هذه الآية وفي آية المجادلة: ﴿أَلَمۡ
تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ مَا
يَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا
هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَآ أَدۡنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ
مَعَهُمۡ أَيۡنَ مَا كَانُواْۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ
إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ﴾ [المجادلة: 7]، فافتتح الكلام
بالعلم وختمه بالعلم؛ ولهذا قال ابن عباسٍ والضحاك وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل:
هو معهم بعلمه.
وأما المعية
الخاصة، ففي قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ
ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ﴾ [النحل: 128]،
وقوله تعالى لموسى: ﴿قَالَ لَا تَخَافَآۖ
إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ﴾ [طه: 46]،
****
آية
الحديد التي مرت، وآية المجادلة التي ذكرتها. هذه معية عامة.
فكما
قال الإمام أحمد وغيره: بدأ الله الآية بالعلم، ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ
يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ﴾
[المجادلة: 7]، وختمها بالعلم ﴿إِنَّ
ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ﴾ [المجادلة: 7]، فدلَّ على أن
المعية معية العلم، وليست معية الاختلاط.
أي: معهم بتأييده ونصره، وحفظه وكلاءته لهم،
وتوفيقه لهم؛ فهي معية خاصة.
لما قال موسى وهارون: ﴿رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفۡرُطَ عَلَيۡنَآ أَوۡ أَن يَطۡغَىٰ﴾ [طه: 45]، قال الله عز وجل لهما: ﴿لَا تَخَافَآۖ﴾ [طه: 46]، لماذا؟ ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ﴾ [طه: 46]، فالذي الله معه لا يخاف من المخلوقات، وكما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو في الغار لصاحبه: