وقال تعالى: ﴿إِذۡ
يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ﴾ [التوبة: 40]،
يعني: النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه، فهو مع موسى وهارون دون
فرعون، ومع محمدٍ وصاحبه دون أبي جهلٍ وغيره من أعدائه، ومع الذين اتقوا والذين هم
محسنون دون الظالمين المعتدين.
****
﴿لَا
تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ﴾ [التوبة: 40]، فهذه معية خاصة.
إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لصاحبه أبي
بكر الصديق رضي الله عنه، وهما في الغار، لما وصلهم المشركون، ووقفوا على الغار،
قال: ﴿لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ
مَعَنَاۖ﴾، فانصرفوا، ولم يروهم، أخذ الله
بأبصارهم، ولم يروهم، فهذا معنى المعية.
هو
مع فرعون بالإحاطة، وليس معه المعية الخاصة؛ هذه مع موسى وهارون فقط، دون فرعون،
يعني دونه في المعية الخاصة، وأما المعية العامة، فهو مع كل خلقه - فرعون وغيره -،
يحيط بهم، ويعلمهم. وهو مع النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه بالمعية الخاصة، دون
أبي جهل وأبي لهب وقادة المشركين، حينما هموا بقتله صلى الله عليه وسلم ومنعه من
الهجرة، لم يستطيعوا؛ لأن الله معه، وخرج من بينهم، ولم يروه. جاؤوا إلى الغار،
وهو فيه، ولم يروه. خرج من الغار، وسافر، ولم يلحقوه، ولم يدركوه، وصل إلى المدينة
بسلامة الله، هذه المعية من الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ
ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ﴾
[النحل: 128]؛ فهو مع المتقين، ومع المحسنين معية خاصة؛ بسبب تقواهم وإحسانهم.