فلو كان معنى
المعية بذاته في كل مكان، تناقض الخبر الخاص والخبر العام؛ بل المعنى: أنه مع
هؤلاء بنصره وتأييده دون أولئك. وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ
ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَآءِ إِلَٰهٞ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَٰهٞۚ﴾ [الزخرف: 84]؛
أي: هو إله من في السموات وإله من في الأرض؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَلَهُ
ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾ [الروم: 27]
****
لو كانت المعية بمعنى أنه في كل مكان - كما
تقوله الحلولية -، لتناقض الخبر العام، وهو الإحاطة بالخلق، والخبر الخاص، وهو
العناية بالمؤمنين، ولقال أبو جهل: نعم، وهو معي؛ كما أنه مع محمد. نقول:
لا، المعية غير المعية التي عندك، هذه معية خاصة؛ فلا تناقض بينهما.
مع هؤلاء المؤمنين بنصره وتأييده المعية الخاصة،
دون غيرهم من الكفار، فهو معهم بالإحاطة والاطلاع، وليس معهم بالنصر والتأييد
والإعانة.
ليس معنى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَآءِ
إِلَٰهٞ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَٰهٞۚ﴾ أنه في السماء حالٌّ، وفي الأرض
حالٌّ؛ الإله معناه: المعبود، فهو معبود في السماء، ومعبود في الأرض عز وجل.
الصفة،
المثل الأعلى، الصفات الكاملة، في السماوات والأرض لا يشبهه أحد، ولا يماثله أحد،
بل هو سبحانه وتعالى له الكمال المطلق الذي لا يشاركه فيه أحد في السماوات والأرض،
فله من الأسماء والصفات أكملها وأفضلها وأعلاها، وكل كمال ثبت للمخلوق ليس فيه
نقص، فالخالق أولى به.