وفي الصحيحين أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي، قَالَ:
«قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي
إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ» ([1]) .
****
هذا أبو بكر الصديق أفضل الأمة على الإطلاق، ما
بعد النبيين أفضل من أبي بكر رضي الله عنه، ومع هذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم
أن يستغفر بهذا الاستغفار الذي علمه إياه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا
كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ
عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ»، مع أنه من أكمل
الأمة عملاً بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ومع هذا طلب من النبي صلى الله عليه
وسلم أن يعلمه هذا الدعاء، علمه إياه، وهو استغفار، «ظلمت نفسي»، ظلمها بأي شيء؟ بالذنوب؛ لأن الظلم ثلاثة أنواع:
النوع
الأول: ظلم الشرك: ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ﴾ [لقمان: 13].
النوع
الثاني: ظلم الناس، الذين يظلمون الناس في أعراضهم، في أموالهم،
في دمائهم.
النوع الثالث: ظلم العبد لنفسه؛ بأن يوقعها في الذنوب والمعاصي، فيهلكها، فهو يقول: ظلمت نفسي، فاغفر لي. هذا أبو بكر الصديق، فدلَّ على أنه لا يستغني أحد عن الاستغفار، مهما بلغ من الفضل والمكانة والعبادة، فإنه مقصر في حق الله سبحانه وتعالى، وأيضًا يحصل منه خلل أو نقص.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (834)، ومسلم رقم (2705).
الصفحة 22 / 347