وأعلى
من ذلك أن يشكر الله على المصيبة لما يرى
من إنعام الله عليه بها؛
****
لأنها
خير له، قال صلى الله عليه وسلم: «عَجَبًا
لأَِمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَِحَدٍ
إلاَّ لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ،
وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ» ([1]).
أما الكافر، فعلى العكس؛ إن أصابته ضراء، جزع وتسخط، وإن أصابته سراء، أشر وبطر
وتكبر.
لأنها تنبهه إلى التوبة، ولأنها تقمع ما في نفسه من الكبر والتطاول، ولأن أعظم شيء فيها أن الله يكفِّر بها خطاياه، المصائب تكفير للمسلمين، يكفِّر الله بها خطاياهم، ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب إلاَّ كفر الله بها خطاياه، ولما جاء أبو بكر الصديق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلاحُ بَعْدَ هَذِهِ الآْيَةِ: ﴿لَّيۡسَ بِأَمَانِيِّكُمۡ وَلَآ أَمَانِيِّ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِۗ مَن يَعۡمَلۡ سُوٓءٗا يُجۡزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدۡ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا﴾ [النساء: 123] ؟ أَكُلَّ سُوءٍ عَمِلْنَا بِهِ جُزِينَا؟ فَقَالَ: «غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ثلاث مراتٍ: أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللأَّْوَاءُ؟» قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَهُوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ فِي الدُّنْيَا» ([2])حتى الشوكة يشاكها يكفِّر الله بها خطاياه، فالمصائب فيها مصالح للمؤمنين، يكفِّر الله بها خطاياهم، وتنبههم للتوبة والاستغفار وإدراك الخطأ: ﴿وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ﴾ [الشورى: 30].
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2999).