×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

فأمر سبحانه بحمد الله على ما يجده العبد من خيرٍ، وأنه إذا وجد شرًّا فلا يلومن إلاَّ نفسه .

****

وهذا هو العدل من الله سبحانه وتعالى؛ فإنه لو عذب أحدًا بغير ذنب، أو عذب أحدًا بسبب عمل غيره، أو نعَّم أحدًا بسبب عمل غيره، كان ذلك ظلمًا ينزه الله سبحانه وتعالى عنه.

فالخير فضل من الله عز وجل، هو الذي وفق هذا العبد للطاعات والعمل الصالح، ولهذا يقول أهل الجنة إذا دخلوها: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي هَدَىٰنَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهۡتَدِيَ لَوۡلَآ أَنۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُۖ [الأعراف: 43]، اعترفوا بأن هذا فضل من الله سبحانه وتعالى، وكما مرَّ بنا أن الجنة ليست ثمنًا للعمل؛ لأنها لا تقابل بالأثمان، ولكنها فضل من الله، والعمل سبب فقط، وأما من وجد غير الخير، فلا يلومن إلاَّ نفسه؛ لأنه هو الذي تسبب في ذلك بأعماله السيئة، فلا يلومن إلاَّ نفسه، ولا يلوم القضاء والقدر؛ كما سبق لنا أن القضاء والقدر يحتج بهما في المصائب والصبر عليها، وأما المعاصي والذنوب، فلا يحتج بالقضاء والقدر عليها، وإنما يلوم الإنسان نفسه، فلا يلومن إلاَّ نفسه، وهذا موافق لما سبق بأنه لا يحتج بالقضاء والقدر على الكفر والشرك والمعاصي، ولكن على الإنسان أن يلوم نفسه؛ لأنه هو الذي قدم لنفسه هذا الشيء، ولهذا إذا دخل أهل النار النار، يطلبون أن يردوا إلى الدنيا؛ ليعملوا، عرفوا أنهم ما دخلوا النار إلاَّ بكفرهم وأعمالهم، فيطلبون الرجوع؛ ليحسنوا العمل، اعترفوا أنهم إنما دخلوا النار بسبب سوء أعمالهم، فيطلبون الرجوع لإصلاح أعمالهم. 


الشرح