وبين الحقيقة الدينية الأمرية المتعلقة برضاه
ومحبته، ولا يفرق بين من يقوم بالحقيقة الدينية موافقًا لما أمر الله به على ألسن
رسله، وبين من يقوم بوجده وذوقه غير معتبر ذلك بالكتاب والسنة .
****
فالحقيقة الكونية ليس من لازمها الرضا والمحبة،
بل قد يكون فيها رضا ومحبة، وقد لا يكون، أما الشرعية، فمن لازمها الرضا والمحبة.
وهناك من يعمل بذوقه وعقله وما تميل إليه نفسه،
وهذا هو الضلال؛ لأن الواجب أن يعمل بما شرعه الله سبحانه وتعالى، أما الذوق
والعقل، فهذا لا دخل له في الأعمال الشرعية، فلو كان العقل يكفي، لما أنزل الله
الكتب، وأرسل الرسل، ولوكلهم إلى عقولهم، فالعقل والذوق، وكون الإنسان يفرح بهذا
الشيء، أو يتلذذ به، فليس ذلك دليلاً على أن هذا الشيء مستحسن، قد يستحسن الإنسان
القبيح، وقد يكره الصحيح؛ يكره الطاعة والعمل الصالح، ويحب الشر والفسوق والعصيان،
فليس ما يشتهيه الإنسان ويتذوقه دليلاً على أنه مستحسن؛ قد يستحسن الإنسان شرًّا،
وقد يكره خيرًا: ﴿وَعَسَىٰٓ
أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيۡٔٗا
وَهُوَ شَرّٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 216]، فليس المقياس أن يرتاح الإنسان لهذا
الشيء، أو يميل إليه، أو أن عقله يدله عليه، ليس هذا هو المقياس، بل المقياس هو
الشرع المطهَّر.