×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

ومن احتج في ذلك بقصة موسى مع الخضر كان غالطًا من وجهين :

****

 إنما الرسل للعوام، أما الخواص، فليسوا بحاجة إلى الرسل. هذا كفر وإلحاد - والعياذ بالله -؛ فإنه ليس للناس طريق إلى الله عز وجل إلاَّ عن طريق الرسل، فالذي يزعم أنه يستغني عن الرسل، هذا ملحد، وإن كان يزعم أنه من أولياء الله، فهو من أولياء الشيطان، ليس من أولياء الله.

يحتجون بأنه يجوز للإنسان أن يخرج عن الشريعة إذا كان عنده ذوق، أو أنه يزعم أنه ولي من أولياء الله، فليس بحاجة إلى الرسول، ويحتجون بقصة الخضر مع موسى عليه السلام، فإن الخضر في وقت موسى، ومع هذا هو ليس من أتباع موسى.

نقول: موسى عليه السلام رسالته ليست عامة كرسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك قد يكون في الزمان الواحد والوقت الواحد أنبياء متعددون، وكلٌّ له شريعة: ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ [المائدة: 48]؛ لأن الرسالات السابقة ليست عامة، أما رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهي عامة للثقلين - الجن والإنس -، فلا يسع أحدًا الخروج عنها، مهما بلغ من الولاية ومن العلم، ليس له أن يخرج عنها، بخلاف الخضر؛ فإن رسالة موسى عليه السلام ليست عامة، وإنما هي خاصة ببني إسرائيل: ﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ لِمَ تُؤۡذُونَنِي وَقَد تَّعۡلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡۖ [الصف: 5]؛ يعني: بني إسرائيل، فهو رسول إلى بني إسرائيل، وليست رسالته عامة للثقلين؛ كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك وسع الخضر أن يخرج عن شريعة موسى؛ لأن شريعة موسى خاصة، لا تتناول كلَّ أهل الأرض.


الشرح