أي ليس اتباع أحدهم واجبًا على جميع الأمة كاتباع
الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يحرم تقليد أحدهم كما يحرم اتباع من يتكلم بغير
علمٍ .
****
فلا يجوز له أن يجمد، ويقول: أنا حنبلي، أنا
حنفي، أنا...، أنا...، بل عليه أن يعرض أقوال إمامه على الأدلة، فما وافق، أخذ به،
وما خالف، تركه، وأخذ بالدليل؛ فالناس على ثلاث طبقات:
الطبقة
الأولى: طبقة العوام والمبتدئين، هؤلاء لا يسعهم إلاَّ
التقليد؛ فهم ليسوا من أهل الترجيح، بل يقلِّدون.
الثانية:
طبقة المتعلمين المتمكنين من الترجيح، فهؤلاء يرجحون، وهذا يسمى مجتهد المذهب، ومجتهد
المذهب يرجح.
الثالثة:
المجتهد المطلق؛ كالإمام أحمد، ومالك، وأبي حنيفة، والثوري، هذا مجتهد مطلق، عليه
أن يأخذ الحكم من الكتاب والسنة، ولا يقلد أحدًا، يحرم عليه التقليد.
وهذا
سبب احتراز الشيخ بقوله: «حيث يجوز ذلك»؛
لأن المجتهد المطلق لا يجوز له التقليد.
التقليد
جائز للمحتاج والمضطر، وليس واجبًا، إلاَّ إذا كان عاميًا، العلماء يقولون: مذهب
العامي مذهب من أفتاه، قال الله عز وجل: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا
تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، فيسأل، وإذا
أفتاه العالم، أخذ بقوله، ولا يلحقه شيء،؛ لأن هذا منتهى قدرته، لكن ما يسأل أي
واحد، وإنما يسأل من يثق بعلمه ودينه، ليس بعلمه فقط، بل دينه، وليس دينه فقط، بل
لا بد من العلم والدين، فيسأل من يثق بعلمه ودينه، ويأخذ بقوله، وليس اتباعه
واجبًا إلاَّ على المحتاج والعامي.
الصفحة 8 / 347