ينظرون بنور الله سبحانه وتعالى، ويميزون،
وهؤلاء تكون لهم كرامات؛ يعني: ليس بلازم أن الولي تكون له كرامات، لكن قد تكون له
كرامات، والكرامة: هي الأمر الخارق للعادة، يجريها الله على يد الولي؛ إما لإقامة
الحجة على المخالف، وبرهانًا على صدقه، وإما لحاجة بالناس، فهذا يأتي شرحه - إن
شاء الله تعالى -، فالكرامة تكون إما بحجة في الدين، أو لحاجة للمسلمين، وهي الأمر
الخارق للعادة الذي لا يقدر عليه إلاَّ الله سبحانه وتعالى، فالأمر الخارق للعادة
إذا جرى على يد نبي، فهو معجزة، وإذا جرى على يد ولي، فهو كرامة، وإذا جرى على يد
كافر، فهو خارق شيطاني، وليس كرامة، وهذا كما سبق بيانه وتفصيله؛ فإن الكفرة
والسحرة وأتباع الشياطين تكون لهم خوارق أيضًا: يطيرون في الهواء، ويمشون على
الماء، ويدخلون النار، وغير ذلك، ولا تضرهم، هذا كله من المخاريق الشيطانية، فلا
يغتر بها ما دام أنهم ليسوا من المؤمنين المتقين المطيعين لله ورسوله، فهذه
الخوارق إنما هي خوارق شيطانية، من باب الابتلاء والامتحان، تخدمهم الشياطين؛ فتطير
بهم في الهواء، وتمشي بهم على الماء، تحضر لهم الأشياء البعيدة، تخدمهم الشياطين؛
فليسوا أولياء لله، ولا يغتر بما معهم من الخوارق. أما إذا جرى الخارق على يد مؤمن
تقي، فهذه كرامة من الله عز وجل، أعانه الله بها، وأمده بها، فكرامات الأولياء
ثابتة بالقرآن وبالسنة، أما في القرآن، فكما في قصة أصحاب الكهف، وما جرى لهم من
الأمر الخارق للعادة، وكما في قصة مريم أنها يأتيها رزقها، وهي في
الصفحة 3 / 347