×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

سادات الأولياء، ولا جرى لهم كرامات؛ لقوة إيمانهم، ولأنهم ليسوا بحاجة إليها، وقد تجري الكرامات لمن هو دونهم في الإيمان لحكمة من الله سبحانه وتعالى، فلا يقال: إنه لا يكون الولي إلاَّ بشرط أن تجري على يده كرامة. هذا إنما يقوله الخرافيون والمبتدعة، أما أهل السنة، فيقولون: ليس من لازم الولاية لله أن تجري على يد الولي كرامة. فينبغي أن يعرف هذا الأمر، فالكرامات إنما تجري لأحد أمرين: إما لحجة في الدين، وإما لحاجة المسلمين، فإذا لم يكن هناك حاجة، ولا حجة، فإنها لا تجري، ولا يكون هذا نقصًا في ولاية ولي الله سبحانه وتعالى، ثم أيضًا ابن القيم رحمه الله يقول: ليس لأولياء الله علامات يعرفون بها، فقد يكون وليًّا لله من خواص الأولياء، وهو لا يُعرف؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ أَشْعَثَ، مَدْفُوعٍ بِالأَْبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ» ([1])، فلا يلزم من وليِّ الله أن يكون له مظهر، وأن يكون حوله هالة من الناس، وأن يروج له دعاية - كما يحصل عند الخرافيين - أبدًا، ولي الله يختفي، ولا يعرف، وليس له علامة، لا ملابس، ولا يكون له هالة من حوله ودعاية، ولا يكون له جاه؛ مدفوع بالأبواب، ما يكون له جاه عند الناس، فليس من شرط ولي الله أن يكون له علامة يعرف بها، قد يكون خفيًّا لا يعرف، وقد يكون رث الهيئة، أشعث أغبر، ليس من شرطه أن يكون عليه ملابس فاخرة، وأكمام واسعة، وعمامة ضخمة، ليس هذا من شرط أولياء الله سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2622).