فتكون شياطين أحدهم أقوى من شياطين الآخر
فيقتلونه، ويظن الجهال أن هذا من كرامات أولياء الله المتقين، وإنما هذا مبعد
لصاحبه عن الله، وهو من أحوال الشياطين، فإن قتل المسلم لا يحل إلاَّ بما أحله
الله، فكيف يكون قتل المعصوم مما يكرم الله به أولياءه؟
****
وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ
وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾ [المائدة: 91].
ويظنون أن موته شهادة، وأنه مات من ذكر الله، يقولون:
مات من ذكر الله. وهو مات من قتل الشيطان له.
الله سبحانه وتعالى حرم قتل المسلم أشد التحريم؛ قال عز وجل: ﴿وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا﴾ [النساء: 93]، وفي الحديث: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ الله إلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينه الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» ([1])، هذه الثلاثة التي تبيح قتل المسلم: إذا زنا وهو محصن، إذا قتل نفسًا عدوانًا وظلمًا - يقتل قصاصًا -، إذا ارتد عن دينه، فإنه يقتل، ما عدا ذلك، فالأصل أن المسلم معصوم، ما معنى معصوم؟ يعني: محرم الدم، لا يجوز الاعتداء عليه. فكيف يظن أن ما يحصل على يد الشياطين من قتل بعض المسلمين أن هذا من كرامات الأولياء، وهو من أشد المحرمات؟! هل الكرامات تكون بالمحرمات والمعاصي،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6878)، ومسلم رقم (1676).