وإنما غاية الكرامة لزوم الاستقامة، فلم يكرم الله
عبدًا بمثل أن يعينه على ما يحبه ويرضاه، ويزيده مما يقربه إليه ويرفع به درجته .
****
الكرامات إنما تحصل بالطاعات والاستقامة،
واجتناب الحرام، ومن ذلك اجتناب قتل النفس التي حرم الله، قال عز وجل: ﴿وَلَا
تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ﴾ [الإسراء: 33]، والحق هو كما بينه الرسول صلى الله
عليه وسلم: الثيب الزاني، أو النفس بالنفس، أو التارك لدينه المفارق للجماعة.
هذا هو الحق الذي يبيح قتل المسلم، وأمَّا ما عدا ذلك، فالأصل عصمة دم المسلم.
غاية الكرامة التي تجري لأولياء الله لزوم
الاستقامة على الحق والدين، ولا تحصل الكرامة بالخروج عن الدين إلى الكفر
والمعاصي، وفعل المحرمات، لا تحصل الكرامة بذلك. وما يحصل بذلك، فليس كرامة، وإنما
هو خوارق شيطانية، وأعمال شيطانية.
من
علامة إكرام الله للعبد أن يوفقه لما يحبه ويرضاه من طاعة الله ورسوله، والاستقامة
على الدين، هذا أعظم ما يكرم الله به العبد، فهو أعظم من الجاه والأموال والأولاد
ومتاع الدنيا.
فإن الله إذا مَنَّ بالدين على عبد، فقد أكرمه، قال عز وجل: ﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾ [الحجرات: 13]، وفي الحديث: «... وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لاَ يُحِبُّ، وَلاَ يُعْطِي الدِّينَ إلاَّ لِمَنْ أَحَبَّ، فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ، فَقَدْ أَحَبَّهُ» ([1])، هذا هو غاية الكرامة،
([1]) أخرجه: أحمد رقم (3672)، وابن أبي شيبة رقم (344)، والحاكم رقم (3671).