ومنهم
من يستعين بالخوارق على أمور مباحة لا مأمورًا بها ولا منهيًّا عنها، فهذا يكون من
عموم الأولياء، وهم الأبرار المقتصدون،
****
لا
من خواصِّهم؛ لأن من يستعين بالكرامات على أمور مباحة، هذا المباح لا يثاب عليه،
ولا يعاقب عليه، ولكن لا يكون من خواص الأولياء، يكون من عوام الأولياء، أو من
عموم الأولياء، تنقص درجته بذلك، هذا إذا استعملها في المباح، تنقص درجته، لا
كالذي يستعملها في محرم، أو في شرك، أو في معصية.
لأن
أولياء الله يتفاوتون: المقربون، وأصحاب اليمين، وهم
الأبرار، فالأبرار وأصحاب اليمين دون المقربين: ﴿وَكُنتُمۡ أَزۡوَٰجٗا ثَلَٰثَةٗ ٧فَأَصۡحَٰبُ ٱلۡمَيۡمَنَةِ
مَآ أَصۡحَٰبُ ٱلۡمَيۡمَنَةِ ٨وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡمَشَۡٔمَةِ مَآ أَصۡحَٰبُ ٱلۡمَشَۡٔمَةِ
٩﴾ [الواقعة: 7- 9]، قال عز
وجل: ﴿ثُمَّ
أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ
ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَٰتِ﴾ [فاطر: 32]. الظالم لنفسه هو: العاصي الذي
معصيته دون الشرك والكفر، هذا ظالم لنفسه، وهو من المؤمنين، لكنه ناقص الإيمان، فوقه
المقتصد، وهو: الذي أدى الواجبات وترك المحرمات فقط، وقد لا يفعل المستحبات،
ولا يترك المكروهات، إنما اقتصر على أداء الواجبات والفرائض، وتجنب المحرمات، هذا
مقتصد، ثم فوقه السابق بالخيرات، وهم: الذين فعلوا الواجبات والمستحبات،
وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات احتياطًا، هؤلاء هم السابقون. وقد ذكرهم
الله في أول سورة الواقعة وفي آخرها، ذكرهم الله عز وجل في سورة الإنسان،
الصفحة 9 / 347