×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

فإن كثيرًا من هؤلاء يرتد عن الإسلام، وكثير منهم لا يعرف أن هذه شيطانية، بل يظنها من كرامات أولياء الله، ويظن من يظن منهم أن الله عز وجل إذا أعطى عبدًا خرق عادة لم يحاسبه على ذلك، كمن يظن أن الله [إذا] أعطى عبدًا ملكًا ومالاً وتصرفًا لم يحاسبه عليه ،

****

بعضهم يظن أن خوارق الشيطان كرامات إلهية؛ من جهله بالكرامات، وعدم تفرقته بين الكرامة التي هي من الله، وبين الخوارق الشيطانية. والكرامات سببها الطاعة والتقوى، والخوارق الشيطانية سببها الكفر والمعاصي والذنوب، فيميز المسلم بين هذا وهذا.

وهذا أيضًا من أدق ما يجب التنبه له، وهو أن هذا الذي أعطاه الله هذه الكرامة، وأجراها على يديه سيحاسبه عليها: ماذا استعملها به؟ وماذا استعان بها عليه؟ وهل شكرها أم لم يشكرها؟ الله يحاسب على النعم: ﴿ثُمَّ لَتُسۡ‍َٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ [التكاثر: 8]، يحاسب على النعم، ومنها الكرامات، فلا يغتر العبد بالكرامة التي تجري على يده، ويغفل عن أنه سيحاسب عليها، ويناقش عليها يوم القيامة.

 وهذا غرور، فالذي يظن أن الله لا يحاسبه على النعم، ولا يناقشه يوم القيامة على النعم، ويظن أن هذه النعم إنما جاءته عن استحقاق؛ كما قال قارون: ﴿إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓۚ [القصص: 78]. فلم يعترف أن هذا من نعم الله عليه، ولم يعترف أنه لن يحاسب على هذا، فهذه غفلة - والعياذ بالله - عن الحساب: ﴿لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا نَسُواْ يَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ [ص: 26]، ويوم الحساب عام لكل ما أعطي العبد يوم القيامة.


الشرح