ومشركو العرب يقولون: الملائكة بنات الله، فنسبوا له البنين والبنات سبحانه
وتعالى، والفلاسفة يقولون ما ذُكر آنفا؛ من أنهم قوى ذهنية أو نفسية، هذه أقوالهم
في الملائكة، الله عز وجل رد على المشركين وعلى النصارى، قال سبحانه وتعالى: ﴿مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ﴾
[المؤمنون: 91]، ﴿وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ
عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ﴾ [الزخرف: 19]، وهذه الآية: ﴿وَقَالُواْ
ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۚ﴾ [الأنبياء: 26]، قالوا -
أي: المشركون والنصارى -: ﴿وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗاۗ﴾
[الأنبياء: 26]؛ منهم من يقول: المسيح ابن الله. ومنهم من يقول: الملائكة بنات
الله: ﴿ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗاۗ﴾، والولد يشمل الذكر
والأنثى، يسمى ولدا، الله سبحانه وتعالى نزَّه نفسه عن ذلك؛ لأن الولد جزء من
الوالد، يشبه الوالد، الله لا شبيه له، والوالد يكون محتاجًا إلى الولد، الله
غنيٌّ عن خلقه سبحانه وتعالى فنزه نفسه عن اتخاذ الولد، ووصف الملائكة بأنهم ليسوا
بنات الله، ﴿بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ﴾ [الأنبياء: 26]، وإنما هم
عباد مكرمون، عباد من عباد الله، مكرمون كرمهم الله في طاعته، وجعلهم في السماء،
وأعطاهم صفات ليست لغيرهم: ﴿لَا يَسۡبِقُونَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ وَهُم بِأَمۡرِهِۦ يَعۡمَلُونَ
٢٧يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ
ٱرۡتَضَىٰ ﴾ [الأنبياء: 27- 28]؛ الملائكة، ﴿وَهُم
مِّنۡ خَشۡيَتِهِۦ مُشۡفِقُونَ﴾ [الأنبياء: 28]؛ خائفون ﴿وَمَن يَقُلۡ مِنۡهُمۡ إِنِّيٓ إِلَٰهٞ مِّن دُونِهِۦ
فَذَٰلِكَ نَجۡزِيهِ جَهَنَّمَۚ﴾ [الأنبياء: 29]، فنزَّه الملائكة عن كل أقوال المشركين
والفلاسفة، وأعطاهم أوصافًا عظيمة.
الصفحة 3 / 347