عقوبتين: عاجلة في
الدنيا وهي الفتنة، وآجلة في الآخرة وهي العذاب الأليم، والفتنة تعم جميع أنواع
الفتن من عمى القلب، والإصابات في الأبدان والأموال، من القتل والزلازل، وتسلط
الجبابرة وغير ذلك، مما هو واقعٌ ومشاهدٌ في عالم هذا الزمان.
عباد الله: لقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدر هذه الأمة يبادرون إلى امتثال أمر الله وأمر رسوله حال ما يسمعونه ولا يؤخرون ذلك، وأنا أذكر لكم وقائع من ذلك: «لما حولت القبلة في الصلاة من بيت المقدس إلى الكعبة بأمر الله سبحانه بقوله﴿فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ﴾ [البقرة: 144]، كان أول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة صلاة العصر، وصلاها معه قوم، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مَكَّةَ. فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ» ([1])، وروى أبو داود وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا﴾ [الأحزاب: 59]، «خَرَجَ نِسَاءُ الأَْنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الأَكْسِيَةِ» ([2])، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ:
([1]) أخرجه: البخاري رقم (40).