ثم انظر في ملكوت
السموات وعلوها، وسعتها وحسن بنائها، وعجائب شمسها وقمرها وكواكبها، فهي أعظم من
خلق الإنسان، كما قال تعالى: ﴿ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا٢ رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا ٢ وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا ٢٩﴾ [النازعات: 27- 29]، وقال تعالى: ﴿لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا
يَعۡلَمُونَ﴾ [غافر: 57].
وإذا نظرت إلى الأرض
رأيتها من أعظم آيات الله، حيث جعلها فراشًا ومهادًا لعباده وذللها لهم، وجعل فيها
من المعادن المختلفة والنباتات المتنوعة، والمخلوقات ذوات الأرواح من الناس
والبهائم الأليفة والمتوحشة والحشرات، ومن البحار والأنهار والجبال والرمال، وما
بين السماء والأرض من الرياح والسحاب المسخر والطيور السابحة في الهواء ﴿صَآفَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا
يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَانُ﴾ [الملك: 19].
وانظر إلى الليل
والنهار وتعاقبهما، وتقارضهما بالزيادة والنقصان بينهما. ﴿وَجَعَلۡنَا
نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا ٩وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا ١٠وَجَعَلۡنَا ٱلنَّهَارَ
مَعَاشٗا ١﴾ [النبأ: 9- 11].
وكل هذه المخلوقات مسخرة بأمر الله تؤدي وظائفها الكونية وتنتج ثمراتها المطلوبة، وهي تسبح بحمد ربها، وتنزهه بلسان المقال ولسان الحال عن أن يكون له شريك: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِيحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا﴾ [الإسراء: 44]، ﴿ييُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ﴾ [التغابن: 1] ﴿وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَإِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ﴾ [آل عمران: 83].