فلننظر في واقعنا مع أنفسنا، ونوازن «بين» ([1]) حالتنا قبل دخول هذا الشهر وحالتنا الحاضرة، هل
صلحت أعمالنا؟ هل تحسنت أخلاقنا؟ هل استقام سلوكنا؟ هلا لانت قلوبنا؟ هل زادت
رغبتنا في الخير وكراهتنا للشر؟ إن كنا كذلك فقد استفدنا من رمضان، فلنحمد الله
على هذه النعمة، ولنحافظ عليها في بقية الأشهر، ولا نفرط فيها فنكون ﴿كَٱلَّتِي نَقَضَتۡ
غَزۡلَهَا مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٍ أَنكَٰثٗا﴾ [النحل: 92].
ومن لم يدرك من نفسه
هذا الشعور بالخير عند نهاية شهر رمضان، فليعلم أنه لم يستفد منه، وأنه لا يزال في
غيه، ولكن لا ييأس من رحمة الله، بل عليه أن يتوب إلى الله، فإن الله يتوب على من
تاب ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي
يَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَيَعۡفُواْ عَنِ ٱلسَّئَِّاتِ﴾ [الشورى: 25]، وليحسن الختام،
فإن الأعمال بالخواتيم.
عباد الله: لئن انقضى شهر
رمضان المبارك فإن عمل المؤمن لا ينقضي إلا بالموت «وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ
اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ» ([2])، ومن علامة قبول
الحسنة فعل الحسنة بعدها.
عباد الله: إن الله شرع لكم في ختام هذا الشهر المبارك أعمالاً مكملة له زيادة لكم في الخير، فشرع لكم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، وشكرًا لله على توفيقه، وهي زكاة عن البدن يجب إخراجها عن الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد، ويستحب إخراجها عن الحمل في البطن، يجب إخراجها على كل مسلم غربت عليه الشمس ليلة العيد، وهو يملك ما يزيد عن قوت
([1]) زيادة من طبعة دار المعارف.