×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

والكذب في المعاملة والغش والخديعة والفجور، ماذا استفاد هذا من رمضان ومن مواسم المغفرة والرضوان؟ إنه لم يستفد سوى الآثام والخسران، والعقاب والنيران، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام قال له: «مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ. فَقُلْتُ: آمِينَ» ([1])  فهذا خبر عن محمد صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام أن من أدركه رمضان فلم يغفر له فيه ومات على هذه الحالة أنه في النار، ودعا عليه جبريل بالبعد عن رحمة الله، وأَمَّن على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيا عظم الخسارة، ويا فداحة المصيبة، ويا هول العقوبة!.

يا من عرفت في رمضان أن لك ربًا، كيف نسيته بعد رمضان؟! يا من عرفت في رمضان أن الله أوجب عليك الصلوات الخمس في المساجد، كيف جهلت ذلك أو تجاهلته بعد رمضان؟! يا من عرفت في رمضان أن الله حرم عليك المعاصي، كيف نسيت ذلك بعد رمضان؟! يا من عرفت في رمضان أن أمامك جنةً ونارًا وثوابًا وعقابًا، كيف نسيت ذلك بعد رمضان؟! يا من كنت تملؤون المساجد في رمضان، وتتلون كتاب الله فيها، كيف هجرتم المساجد والقرآن بعد رمضان؟!ـ

نعوذ بالله من العمى بعد البصيرة، ومن الضلالة بعد الهدى، لقد كانت المساجد في رمضان تغص بالمصلين في الأوقات الخمسة برجال لم ينزلوا من السماء ولم يقدموا من سفر، وإنما يسكنون بجوار المساجد طوال السنة ويملؤون البيوت، لكنهم لا يعرفون المساجد في غير رمضان، ولا يخافون الله في غير رمضان، وأعجب من ذلك أن


الشرح

([1])  أخرجه: أبو يعلى رقم (5922)، والحاكم رقم (7256)، وابن خزيمة رقم (1888).