هؤلاء لهم آباء وإخوان يحافظون على الصلاة طوال السنة لكنهم لا ينكرون عليهم، بل يسكنون معهم وينبسطون بصحبتهم ويؤاكلونهم ويجالسونهم، فإذا حضرت الصلاة قاموا إليها، وتركوهم وأغلقوا عليهم البيوت مع النساء والأطفال، دون خوف من الله! ألم تنزل اللعنة والغضب على بني إسرائيل على مثل هذا الذي تصنعونه، وأنتم تقرؤون هذا في كتاب الله تعالى؟! ﴿لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ ٧ كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ٧٩﴾ [المائدة: 78، 79]، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بأن أحدهم كان يرى الآخر على معصية الله فينهاه عن ذلك، ثم يراه مرة أخرى، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وجليسه، فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «كَلاَّ وَاللهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيِ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا» ([1])، وفي رواية: «أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللهُ قُلُوبَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ لَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ» ([2]). إنني أعتقد أن واحدًا من هؤلاء الذين يسكتون عن أبنائهم ومن في بيوتهم إذا تركوا الصلاة لو نقصه ابنه أو أخوه شيئًا من ماله لن يسكت عنه، ولن يتركه في بيته، بل تظهر شهامته ورجولته وحزمه وغيرته على الدنيا، وأما الدين فلا يهمه أمره.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4336)، والبيهقي رقم (20691).