عائشة رضي الله عنها
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ
اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو،
ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ» ([1])، وفي تلك العشر يوم
عيد الأضحى المبارك الذي هو يوم الحج الأكبر، لما انتهى يوم عرفة، وأعتق الله
عباده المؤمنين من النار، اشترك المسلمون كلهم في العيد بعده، يتقربون إليه بذبح
الهدي والأضاحي، فأهل الحج في ذلك اليوم يرمون الجمرة، ويكملون مناسكهم، وأهل
الأمصار يجتمعون على ذكر الله وتكبيره والصلاة له. ثم أعقب ذلك أيام التشريق التي
هي أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل، وهي الأيام المعدودات التي قال الله تعالى
فيها: ﴿وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ﴾ [البقرة: 203]، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
عباد الله: لقد انتهت تلك
الأيام العظيمة والمواسم الجليلة بخيراتها وبركاتها، فماذا استفدنا منها؟ ولنحاسب
أنفسنا، فمن قدم خيرًا فليحمد الله، ويواصل أعمال الخير، ومن فرط في تلك الأيام
وضيع تلك الفضائل فليستغفر الله، ويحفظ بقية عمره، ويصلح في مستقبله.
عباد الله: لقد شرع الله الاستغفار بعد انتهاء العبادات، وانقضاء مواسم الخيرات، فلنكثر من الاستغفار؛ فإنه يجبر النقص، ويسد الخلل، ثم لنعلم أننا بعد أيام قليلة سنودع عامنا هذا، ونستقبل عامًا جديدًا أوله شهر الله المحرم الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ» ([2])، وهكذا لا ينتهي موسم من مواسم الخير إلا ويعقبه
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1348).