×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

إن فرعون -على ما أوتي من القوة والجبروت- كان يتخوف من ظهور الحق على يد خصومه من بني إسرائيل، فعمل كل ما في وسعه من الاحتياطات، فجعل يستضعف خصومه، ويقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم، ولكن مشيئة الله نافذة، وقدرته قاهرة، فشاء الله أن يولد موسى عليه السلام في بني إسرائيل، وأن ينجو من القتل، وأن يتربى في بيت فرعون، تحرسه عناية الله، وتحوطه القدرة الربانية، حتى كبر، وبلغ أشده واستوى.

وقتل رجلاً من قوم فرعون، وتخوف من الطلب بدمه ففر هاربًا إلى أرض مدين، ولبث سنين في أهل مدين، تزوج في أثنائها، ثم عاد إلى أرض مصر، وفي طريقه كلمه الله بوحيه، وبعثه برسالته إلى فرعون، وآتاه من الآيات ما يدل على صدقه، ولكن فرعون عاند وكابر ﴿فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ ٢  ثُمَّ أَدۡبَرَ يَسۡعَىٰ ٢ فَحَشَرَ فَنَادَىٰ ٢ فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ ٢٤ [النازعات: 21- 24]، وادعى أن ما جاء به موسى سحر، وأن عنده من السحر ما يبطله، وجمع السحرة من جميع مملكته، فعرضوا ما عندهم من السحر، وعرض موسى ما عنده من الآيات البينات ﴿فَوَقَعَ ٱلۡحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ١١  فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَٱنقَلَبُواْ صَٰغِرِينَ ١١ وَأُلۡقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَٰجِدِينَ ١٢٠ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٢ رَبِّ مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ ١٢٢ [الأعراف: 118- 122]، وعند ذلك لجأ فرعون إلى القوة والبطش، وهدد وتوعد. فأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن يخرج بالمؤمنين، ويتوجه بهم إلى حيث أمره الله، فعند ذلك استنفر فرعون جنوده، وجمع قوته، وخرج في أثرهم يريد إبادتهم عن آخرهم، وسار في طلبهم، فانتهى موسى بمن معه من المؤمنين إلى البحر، ولحق بهم فرعون وجنوده، وهناك تزايد خوف المؤمنين، البحر أمامهم،


الشرح