الشهادتين والأذان
والإقامة والخطب، وشرح له صدره، ورفع له ذكره، وجعل الذلة والصغار على من خالف
أمره، وأوجب علينا أن نحبه بعد محبة الله أعظم مما نحب أنفسنا ووالدينا وأولادنا
والناس أجمعين. صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين.
عباد الله: إن هذا الرسول الكريم حذرنا أن نحدث في دينه ما ليس منه فقال صلى الله عليه وسلم: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1]). وقال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2])، وفي رواية: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([3])، ونهانا صلى الله عليه وسلم أن نغلو في حقه، ونرفعه فوق منزلته التي أكرمه الله بها، وهي العبودية لله والرسالة، فقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» ([4]). لكن مع هذا البيان والتحذير تجاوز بعض الناس حدود الله وشرعه، فأحدثوا البدع والخرافات والمخالفات وجعلوها من الدين، وصاروا يحرصون عليها، ويحيونها وينمونها، ويتركون الفرائض الشرعية والسنن النبوية، أو يتساهلون بها، ومن ذلكم ما يكررونه كل عام في هذا الشهر من الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى صار كأنه عيد من الأعياد الشرعية كعيد الفطر وعيد الأضحى، مع أن هذا الاحتفال محدث في دين الإسلام، لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفعله خلفاؤه الراشدون، وصحابته الأكرمون، ولم تفعله من بعدهم القرون المفضلة التي هي
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42).