×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

أفضل قرون الأمة، وإنما حدث هذا الاحتفال في القرن السادس من الهجرة، وأحدثه بعض الجهال أو الضلال مضاهاة للنصارى في احتفالهم بمولد المسيح عليه السلام.

ويا سبحان الله! لو كان هذا الاحتفال حقا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته، ولو بينه لما خفي على خلفائه وصحابته، «ثم هل هؤلاء الذين أحدثوا هذا الاحتفال يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من محبة خلفائه وصحابته له؟» ([1])  حاشا وكلا، لقد كانوا يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم من محبتهم لأنفسهم، وكانوا يعظمونه تعظيمًا شديدًا يليق بمقامه، حتى قال بعض من رآهم من أعدائهم يوم الحديبية حينما رجع إلى قومه: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، على كسرى وقيصر والنجاشي، والله ما رأيت ملكًا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدًا، فلماذا إذن تركوا الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم ؟! ما تركوه إلا لأنه ليس من الدين؛ ولأنه تشبه بالنصارى، وقد حذرهم النبي صلى الله عليه وسلم من التشبه بالنصارى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له، من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا مع اختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له، وعدم المانع منه (يعني المانع الحسي لا الشرعي)، ولو كان هذا خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السلف أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته، واتباع أمره، وإحياء سنته باطنًا وظاهرًا، ونشر


الشرح

([1])  سقط من الموقع.