×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

ومن عمل سيئة كتبت بمثلها من غير مضاعفة، كما قال تعالى: ﴿وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلَا يُجۡزَىٰٓ إِلَّا مِثۡلَهَا وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ [الأنعام: 160]. وفي هذا الحديث: «كُتِبَتْ لَهُ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ» ([1])  فالسيئة لا تضاعف لكنها تعظم أحيانًا؛ لشرف المكان الذي فعلت فيه، أو لشرف الزمان، فتعظم عقوبتها بسبب ذلك، كالمسجد الحرام، والأشهر الحرم والإحرام، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلۡنَٰهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلۡعَٰكِفُ فِيهِ وَٱلۡبَادِۚ وَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۢ بِظُلۡمٖ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ [الحج: 25]، وقال في الأشهر الحرم: ﴿فَلَا تَظۡلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمۡۚ [التوبة: 36]، وقال في الإحرام: ﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ [البقرة: 197]، وقد يعظم إثم السيئة بالنسبة لمكانة فاعلها عند الله، قال الله تعالى لنبيه: ﴿وَلَوۡلَآ أَن ثَبَّتۡنَٰكَ لَقَدۡ كِدتَّ تَرۡكَنُ إِلَيۡهِمۡ شَيۡ‍ٔٗا قَلِيلًا ٧٤ إِذٗا لَّأَذَقۡنَٰكَ ضِعۡفَ ٱلۡحَيَوٰةِ وَضِعۡفَ ٱلۡمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيۡنَا نَصِيرٗا ٧٥ [الإسراء: 74، 75]، وقال تعالى لنساء نبيه: ﴿يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ [الأحزاب: 30]، ومعصية العالم أشد إثما من معصية غيره، وهكذا يعظم إثم السيئة بحسب الملابسات والأحوال.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً» ([2])  يدل على أن الله يثيب على نية الخير إذا نواه المسلم فلم يعمله لمانع حال بينه وبين فعله، فمن نوى الجهاد في سبيل الله فلم


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6126).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6126)، ومسلم رقم (131).