ومن عمل سيئة كتبت
بمثلها من غير مضاعفة، كما قال تعالى: ﴿وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلَا يُجۡزَىٰٓ إِلَّا مِثۡلَهَا وَهُمۡ
لَا يُظۡلَمُونَ﴾ [الأنعام: 160]. وفي هذا الحديث: «كُتِبَتْ
لَهُ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ» ([1]) فالسيئة لا تضاعف لكنها تعظم أحيانًا؛ لشرف
المكان الذي فعلت فيه، أو لشرف الزمان، فتعظم عقوبتها بسبب ذلك، كالمسجد الحرام،
والأشهر الحرم والإحرام، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ
وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلۡنَٰهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلۡعَٰكِفُ فِيهِ
وَٱلۡبَادِۚ وَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۢ بِظُلۡمٖ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ﴾ [الحج: 25]، وقال في الأشهر الحرم: ﴿فَلَا تَظۡلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمۡۚ﴾ [التوبة: 36]، وقال في الإحرام: ﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ
فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ﴾ [البقرة: 197]، وقد يعظم إثم
السيئة بالنسبة لمكانة فاعلها عند الله، قال الله تعالى لنبيه: ﴿وَلَوۡلَآ أَن
ثَبَّتۡنَٰكَ لَقَدۡ كِدتَّ تَرۡكَنُ إِلَيۡهِمۡ شَيۡٔٗا قَلِيلًا ٧٤ إِذٗا لَّأَذَقۡنَٰكَ ضِعۡفَ ٱلۡحَيَوٰةِ وَضِعۡفَ ٱلۡمَمَاتِ ثُمَّ لَا
تَجِدُ لَكَ عَلَيۡنَا نَصِيرٗا ٧٥﴾ [الإسراء: 74، 75]، وقال تعالى لنساء نبيه: ﴿يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن
يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ﴾ [الأحزاب: 30]، ومعصية العالم أشد
إثما من معصية غيره، وهكذا يعظم إثم السيئة بحسب الملابسات والأحوال.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً» ([2]) يدل على أن الله يثيب على نية الخير إذا نواه المسلم فلم يعمله لمانع حال بينه وبين فعله، فمن نوى الجهاد في سبيل الله فلم
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6126).