وأما المسكوت عنه
فهو ما لم يذكر حكمه بتحليل ولا إيجاب ولا تحريم؛ فيكون معفوًا عنه لا حرج على
فاعله.
عباد الله: لقد أوصى النبي صلى
الله عليه وسلم نحو كل واحد من هذه الأمور الأربعة بوصية خاصة، فأوصى بالفرائض ألا
تضيع، وأوصى بالحدود ألا تتعدى، وأوصى بالمحرمات ألا تنتهك، وأوصى ما سكت عنه ألا
يبحث عنه، فيجب علينا التزام وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فإنه كثيرًا
ما يقع الخلل في الدين بسبب إهمال هذه الوصايا النبوية الشريفة.
تجب المحافظة على
فرائض الله التي فرضها على عباده بأدائها على وجهها، وفي طليعة ذلك الصلوات الخمس،
وأداء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام؛ قال تعالى: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ
وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ﴾ [البقرة: 238]، وقد توعد الله من ضيع الصلاة بأشد الوعيد فقال تعالى: ﴿فَخَلَفَ
مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ
فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا ٥٩ إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ
صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ شَيۡٔٗا ٦﴾ [مريم: 59- 60]، والغي واد في جهنم شديد
حره، بعيد قعره، ومن ضيع الصلاة فهو لما سواها أضيع؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ
ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ﴾ [العنكبوت: 45].
وكثير من الناس يهتم
بالنوافل، وهو مضيع للفرائض، فتجده مثلاً يعتمر في رمضان وفي غيره، ويحج متنفلاً،
وهو لا يصلي الصلوات الخمس، أو يترك الصلاة مع الجماعة، تجده يتبرع بالأموال
للمشاريع، وهو لا يؤدي الزكاة المفروضة، والبعض الآخر يتقرب إلى الله بالبدع
والخرافات، ويترك العبادات المشروعة، وكثير من الناس لا يجد في نفسه حرجًا في
انتهاك ما حرم الله، وتعدي حدود الله ما دام ذلك يوافق هواه، ويطابق شهوته، قد
اتخذ إلهه هواه، وأضله الله على علم.