فالخير يا عباد
الله، كل الخير، في التزام ما شرع الله، وترك ما حرم الله، فإن الله لم يوجب على
عباده شيئًا إلا وهو مصلحة لهم في دينهم ودنياهم، فإذا أضاعوا ما فرض الله عليهم
فقد أضاعوا مصلحتهم، ولم يحرم سبحانه شيئًا على عباده إلا وفيه مضرتهم في الدنيا
والآخرة، فإذا وقعوا فيما حرم الله فقد أوقعوا أنفسهم في الضرر﴿وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا
تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 216] يعلم المصالح والمضار العاجلة والآجلة ﴿وَيُحِلُّ
لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ﴾ [الأعراف: 157].
وقد يسكت سبحانه وتعالى عن أشياء رفقًا بعباده فلا يحرمها عليهم حتى يعاقبهم على فعلها، ولم يوجبها عليهم حتى يعاقبهم على تركها، بل جعلها عفوًا إذا فعلوها فلا حرج عليهم، وإن تركوها فلا حرج عليهم، فهو سكت عنها لحكمة لا نسيانًا منه سبحانه وتعالى:﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّٗا﴾ [مريم: 64]، فالسؤال عن مثل هذا يكون من التنطع والتكلف وطلب التضييق على الناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» ([1]). قالها ثلاثًا. والمتنطع هو المتعمق البحاث عما لا يعنيه، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إياكم والتنطع، إياكم والتعمق، وعليكم بالعتيق» يعني ما كان عليه الصحابة،. ويدخل في ذلك البحث في أمور الغيب التي أمرنا بالإيمان بها، ولم يُبَيِّنْ لنا كيفيتها، فالبحث عنها من التعمق المنهي عنه؛ لأنه يفضي إلى الحيرة والشك، ففي الوقوف عند حدود الله وأداء ما أوجبه، وترك ما حرمه - سعادة الدنيا والآخرة.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2670).